لم يكم هناك من يبكي
لم يكن هناك من يدفع صمتي أن يشرع بالكلام
كنت قد ضعت كطفلٍ في قارعة الكون
لم يكن من يدلني على درب الوطن
فاضطر الناي أن يرفع عقيرته، ويقول :
- ادرك لو كنت تبتعد
آلاف أنهر الدموع ومئات قمم الأسطورة عن الوطن
يجب أن تعود إليهم، إلى هؤلاء البرابرة
الذين يشرعون ليلاً بغناء الأغاني لعواقبهم
البرابرة الذين يستبدلون الحلم بالموسيقى
وفي لجة الوحدة، يقتسمون المطر فيما بينهم
لو كان بقدر عمر أزهار النرجس هناك
يجب ان تعود لرؤية خرائب أرواحهم
الخرائب التي نتجت عن الحرب
التي لم تلحق لبكاء كي تتبلل !
كان لسان الناي عند تلفظه كلمة النور يقول :
في غروب ما
وعند القاءك الشعر
ستتمكن من مواصلة العيش مع الرب
وتنهمك في الدردشة مع المرأة عازفة الجيتار
بين أداء يمين الماء وصلاة أحجار الصمت
هناك إمرأة على صراط الخمارين
توشك أن تعبر نحو لجة الجحيم
وهي تنهمك في لملمة أجزاء اللعنة
لعنة البقاء مع الحياة
لعنة التعرّي في حضن القصيد
هناك إمرأة تدق على باب صبري
تحمل صباحاً آخر
تريد أن تجعل منفاي أكثر جمالاً
تريد أن أقسم بالخريف
كي ادع إدمان الوحدة بعد الآن !
كان الناي من علمني ثانية الف باء العشق
حيث كنت ومنذ فترة طويلة
يمكن أن تكون قدر عمرِ ريحٍ مطاردٍ أو اكثر
قد نسيت الطيران
وكانت فترة طويلة حيث لم أكن نفسي أنا !
وقبل أن يعود الناي إلى بستان صمتي
واثناء مشية الفجر
صرخت في وجهي عشرات الألسن
- قف أيها الغريب !
هذه ليست ليلتك
لن يسع المكان هنا لأغانيك
أرحل ايها الغريب !
إن سماءك ليس هنا ...