‮"‬لكل داء دواء‮" ‬مقولة سمعناها كثيراً‮ ‬وآمنا بها،‮ ‬لكن
عندما‮ "‬يصبح الدواء داءً‮" ‬هنا تصبح‮ ‬المشكلة كبيرة ويصبح العلاج شبه
مستحيل‮. ‬
فمنذ ثمانيات القرن الماضي‮ ‬يعاني‮ ‬العراق من قلة المدارس
للمراحل الابتدائية والمتوسطة والإعدادية،‮ ‬الأمرالذي‮ ‬فرض على المدارس
الموجودة أن تتبنى نظام الدوام الثنائي‮ ‬والثلاثي‮ .‬
نتيجة لذلك أعلنت
وزارة التربية في‮ ‬العام الماضي‮ ‬عن حاجتها لبناء سبعة آلآف مدرسة جديدة
في‮ ‬عموم أنحاء البلاد كسبيل لحل هذه المشكلة وسعياً‮ ‬نحو تعليم أفضل‮.‬
وقد
شهد القطاع التربوي‮ ‬في‮ ‬الاونة الأخيرة طفرة نوعية وكبيرة حيث تم
اقتتاح العديد من المدراس الخاصة في‮ ‬اقليم كوردستان حتى وصل عدد المدارس
الخاصة إلى أكثر من‮ ‬400 مدرسة حتى الان في‮ ‬الاقليم‮.‬
لكن هذا الحل
بات مشكلة جديدة بحد ذاته،‮ ‬لأن الإقبال بات كبيراً‮ ‬على المدارس الأهلية
وذلك على حساب المدارس الحكومية،‮ ‬باعتبار أن التعليم فيها أفضل بحكم أن
أعداد الطلاب قياسية فيها،‮ ‬إضافة إلى أن المناهج التي‮ ‬تتبعها متطورة
كما أن الكوادر التدريسية مختارة بعناية،‮ ‬الأمر الذي‮ ‬يجعل أغلب الأسر
حتى المتوسطة الحال تصرعلى إلحاق أبنائها بها حرصاً‮ ‬منهم على ضمان مستقبل
جيد لأبنائهم رغم أن أقساط التسجيل السنوية لهذه المدارس كبيرة لا بل
خيالية فتصل في‮ ‬بعضها إلى‮ ‬8 آلآف دولار لكن‮ ‬أحياناً‮ ‬يكون هدف توجه
بعض الأسر للمدارس الاهلية نوع من الترف والموضة ليس إلا،‮ ‬خاصة وأن لكل
مدرسة نظام تعليمي‮ ‬معين‮ ‬يختلف عن المدرسة الأهلية الاخرى أو
الحكومية‮.‬
وبدل أن تكون المدارس مؤسسات لتنشئة جيل واع مشبع بالعلوم
والمعارف الحديثة قادرعلى التعامل مع التطورالعلمي‮ ‬الحديث،‮ ‬تصبح شباك
ربح ليس الا لرجال الأعمال في‮ ‬كوردستان،‮ ‬الهدف الأول والأخير من زيادة
أعدادها هو الربح المادي،‮ ‬علماً‮ ‬أن الحكومة‮ ‬قادرة على ضبط الموضوع
بفرض خطة عمل لتطوير مدارسها الحكومية فهي‮ ‬تملك الإمكانيات لذلك فأكبر
حصة من موازنة الدولة تخصص لوزارة التربية بعد وزارة الداخلية خاصة وأن
التربية والتعليم هي‮ ‬الركيزة الأساسية لبناء الأمم المتقدمة والإرتقاء
بها على جميع المستويات‮.‬
‮ ‬وهناك مشكة اخرى ناتجة عن‮ ‬تشجيع
المدارس الأهلية‮ ‬فهي‮ ‬تجعل المجتمع الكوردي‮ ‬في‮ ‬اقليم كوردستان مقسم
إلى قسمين،‮ ‬فهناك عائلات تلحق أبنائها بتلك المدارس،‮ ‬لكن هنالك كثير
من الأسر‮ ‬غير قادرة على تامين مبالغ‮ ‬تسجيل أبنائها فيها أو ربما هم
بعيدون عن المدن ولا‮ ‬يجدون إلا تلك المدارس الطينية المنتشرة في‮
‬الأرياف والمناطق النائية في‮ ‬الإقليم‮.‬
هكذا تبقى للمدراس الأهلية
جوانب سلبية وأخرى إيجابية لكن الأهم أن تكون تلك المدارس لها أهداف تربوية
وتعليمية وأن تكون جزءا من مجتمعنا الكوردي‮ ‬وان لا تروج لعادات وتقاليد
مجتمعات وثقافات مغايرة وبعيدة عن تقاليد وقيم مجتمعنا‮.‬