هل الأعمال لا تُرفع إلا في شهر شعبان؟ وما معنى رفع الأعمال والله يراها وقت حدوثها ويعلمها قبل ذلك؟
الأعمال تُرفع لحظة وقوعها لقول الله تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} التوبة105
في نفس الوقت، وتُرفع في اليوم والليلة في صلاة العصر وفي صلاة الصبح لقوله صلى الله عليه وسلم: {يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاةِ الْفَجْرِ وَصَلاةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ، كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ}{1}
وتُعرض الأعمال في يوم الإثنين ويوم الخميس كما قال صلى الله عليه وسلَّم عندما سُئل عن صيام يوم الإثنين فقال: {ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ}{2}
وسئل عن صيام يومي الإثنين والخميس فقال: {ذَانِكَ يَوْمَانِ تُعْرَضُ فِيهِمَا الأَعْمَالُ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ وَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ}{3}
ولما سُئل صلى الله عليه وسلم عن صيامه في شهر شعبان قال: {ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ}{4}
وأنا أرى بما ألهمني الله أن رفع الأعمال يتكرر على الله، لأن الله رءوف بعباده ورحيمٌ بخلقه، فإذا رُفع إليه العمل يقول: رُدُّوه لعله يتوب، لعله يئوب، لعله يرجع، فيترك لنا الفرصة بعد الفرصة، مع أنه يرى ويطلع، بل إنها لو صحَّت التوبة وأحسن الإنسان يقول الله لهم: {فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} الفرقان70
يعني مكان كل ذنب ضعوا حسنة، ويقول صلى الله عليه وسلم: {إذا قال العبد لا إله إلا اله ذهبت إلى صحيفته فمحت كل سيئة تقابلها حتى تجد حسنة تقف بجوارها}{5}
ما ممحاة الذنوب؟ لا إله إلا الله تمسح كل الذنوب حتى تجد حسنة تقف بجوارها.
فلماذا تكرار العرض على الله؟ لإعطاء الفرصة للمؤمنين للتوبة إلى الله والإنابة إلى الله والرجوع إلى الله، ولذلك جعل الله المواسم كلها للمغفرة، فلِمَ أمرنا بالصلاة في اليوم خمس مرات؟ {فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم} إبراهيم10
ثم أمرنا أن نصوم شهر رمضان ليغفر لنا، قال صلى الله عليه وسلم: {مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ}{6}
ثم دعانا النبي صلى الله عليه وسلم إلى القيام في رمضان أيضاً للمغفرة: {مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ}{7}
ولم دعانا الله إلى الحج؟ قال صلى الله عليه وسلم: {مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ}{8}
وهذا كله لماذا؟
ليخرج العبد من الدنيا وليس عليه ذنبٌ يحاسبه عليه الله: {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} البقرة222
فهل بعد ذلك لأحدٍ منا عُذرٌ عند الله؟ لا، فهذه فُرصٌ لا تُعد ولا تُحد، فلا يضع الجزاء من أول عرض، ولكنه يعُطي أيضاً عدداً من الفرص ويُؤخر الجزاء ليوم العرض، سبحان الله، وهذا هو الحِلم والشفقة الإلهية علينا من فضل الله وجود الله وكرم الله
{1} البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه
{2} صحيح مسلم ومسند أحمد عن قتادة رضي الله عنه
{3} سنن النسائي عن أسامة بن زيد رضي الله عنه
{4} سنن النسائي عن أسامة بن زيد رضي الله عنه
{5} أخرجه أبو يعلي عن أنس رضي الله عنه
{6} البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه
{7} البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه
{8} البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه
http://www.fawzyabuzeid.com/%D9%83%D8%AA%D8%A8/%D8%B4%D8%B1%D9%81-%D8%B4%D9%87%D8%B1-%D8%B4%D8%B9%D8%A8%D8%A7%D9%86/
منقول من كتاب {شرف شهر شعبان} لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد
اضغط هنا لقراءة أو تحميل الكتاب مجاناً
https://www.youtube.com/watch?v=mq54_SqyNpU&list=PLQsXwGflCNqiKLdlni2eY5C5sDVSXOBgq&index=5
[flash(300,150)]WIDTH=0 HEIGHT=0[/flash]