قال الإمام علي عليه السلام :
الجاهل لا يرتدع
وبالمواعظ لا ينتفع

شرح الحديث :

لوحة جميلة عالمة تحدث عن الجهل ومثالبه : وترينا مضاره وهي في تعريفه للجهل محقة صائبه ، لأنه موعظة كريمة علمها أعز أهل الدين وله أعلى مناقبه ، وهو أمير المؤمنين باب علم الله والمدينة سيد المرسلين وهو وصيه وخليفته و نائبه ، يؤمن بمعارفها كل عاقل طيب منصف لكن لا يتحقق بنص حديث اللوحة ومطالبه ولا يعمله ، لأنه صفات الجاهلين والمعاندين لهدى الله ورسوله وكل من لوصيه مفارق وتاركه ، فتسود قلوب وعقول القالي لأمير البيان نفسه ووجه كل ناصب له العداء وناصبة ، لأنهم لم يرضوا بمواعظ علم الله ومن آتاه الله الكتاب والحكمة وجعله راسخ بعلم القرآن وكل معارفه ، فمن يترك مواعظ مولى الموحدين جاهل ترك الله ورسوله ولم ينتفع بتحذيرهم حين كذبه .
نعم يا أخوتي : الجاهل لا يرتدع عن منكرا يفعله ، ويحسب الشر وظلم العباد من مناقبه، ويرى عمل الفساد وعدم الإيمان والضلال من فضائله ، والموعظة ودعوته للإيمان لا ينتفع بها حتى يأتيه أجله ، فيرديه جهله وخبث نفسه في أشد عقاب أعده الله له ، أبعدهم الله عنا ودفع عنا ضرهم وخبثهم وكل جهل الجاهل وعمله ، فهو الشر والعناء والحمق والظلم والهوى وكل فعلة سافلة ، فالجاهل بأمر الله يرتكب كل ما حرمه عليه ولم يعتني به لخبث نفيه و لخطله ، ويتوانى عن فعل الصالحات والخيرات وما حسن الله له وعدله .
فالجاهل : يعمل عمل الجاهلية الأولى وكأن الإسلام لم يضع تعاليم كريمة عن الشر تنهاه وتردعه ، وإن وعظته طغى وتكبر وتجبر وترى الدين وآدابه الحسنة وأخلاقه الفاضلة ليست هي له موضوعة ، يسخر بكل مقدسات الهدى ويضحك مستهزأ بما رب العزة أوعده ، لكنه هيهات فإن النار وعذابها الشديد معدة له وهي منزله .
ويا أخوتي الكرام : إن العلم والجهل ، في الدين ليس بالقراءة والكتابة ، ودراسة بحوث علمية عميقة أو سطحية .
وليس الجهل : هو أن يكون الإنسان صغير بعمره ، وطفل .
بل الجهل : هو عدم الإيمان ، وعدم العلم بحقيقة الأمر الذي يدخل الجنة ويبعد عن النار ، وما ليس فيه رضا الرحمن .