■■ لكل شيء نهاية وأعتقد ملعب الكامب نو شهد مساء أمس نهاية حقبة كرة "التيكي تاكا" التي أطلقها برشلونة قبل عدة سنوات حينما فاز عليه بايرن ميونيخ بثلاثة أهداف نظيفة ليكرر الفوز الثقيل والإكتساح الذي حققه قبل أسبوعين في مباراة الذهاب بملعب اليانزا أرينا بأربعة أهداف نظيفة ، ليترك الفريق الكاتالوني في مهب الريح وقد فشل في أن يذود عن سمعته وشرفه الكروي ، وبدا في أغلب وقت المباراة ، عاجزاً تائها ً وكأنه فريق "مركز شباب" أو نادي قروي ضعيف في مواجهة عملاق لا يرحم ! ■■ الفوز تأكيد على تفوق الفريق الالماني ومدربه الكبير هاينكس الذي يبرهن من مباراة لأخرى خطأ قرار إدارة ناديه بعدم مطاردته لتجديد عقده ، بدلاً من الإستعانة بمدرب آخر ، حتى لو كان في حجم جوارديولا ، الذكي الذي إختار تدريب هذا الفريق العملاق، ليضمن النجاح والنجومية حتى قبل أن يبدأ مهمته .. هاينكس دمر أسطورة الفريق الذي منح الشهرة والمجد لجوارديولا ، فهل يستحق المدرب الإسباني أن يحل محله؟ ■■ تألق الالمان وتعملقوا وكانوا الأجدر بالفوز التاريخي وبالغوا في القسوة ، ولم يطبقوا مبدأ "إرحموا عزيز قوم ذل" .. وهم متأكدون من المرور والتأهل للمباراة النهائية لدوري الأبطال ،وراحوا يعصرون منافسهم ويسدون عليه كل المنافذ ويهددون مرماه بأهدافهم ورعب موجات هجومهم المرتد والمنظم والفردي ويقدمون دروسا فنية وتكتيكية للفريق الاسباني الشهير، الذي كان لا حول له ولا قوة في غياب نجمه الأوحد وملهمه الكبير ليونيل ميسي، الذي توقعنا رؤيته في المباراة من البداية ليساهم في الدفاع عن كرامة فريقه وكبريائه الذي سقط من قمة الجبل الشاهق إلى قاع الوادي السحيق! ■■ أكثر المتطرفين تفاؤلاً للبارسا ، لم يتوقعوا سهولة مهمته في تعويض خسارته الكارثية بالأربعة في مباراة الذهاب ، وقالوا أنه يبحث عن شبه المعجزة أو المستحيل ، ولكن أشد المتشائمين لم يتوقعوا إنهيار البارسا وخسارته التاريخية الأليمة بهذا الشكل البائس بثلاثة أهداف في عقر داره - أحدها بنيران صديقة مهينة - بين ما يقرب من 100 ألف من جمهوره ، ولكن ماذا حدث ؟ وكيف خطط فيلانوفا للمباراة وهل إدخر ميسي لوقت معين ولفترة محددة ثم تراجع عن إشراكه بعد إنتهت المباراة عملياً بعد الهدف الأول للبايرن؟.. أعتقد أن هذا يحتاج إلى بعض الوقت لإكتشاف أسرار هذا التخبط والفوضى في القرار الفني للبارسا ومدى أهلية تيتو فيلانوفا لقيادة العمل الفني وهو يعاني المريض الخطير ويواصل مراحل العلاج وتأثيراته الجسدية والنفسية التي لا تحتمل الضغط الهائل في قيادة فريق عملاق لا ترضى جماهيره بغير الفوز والبطولات بديلاً .. ويبدو أن المدرب الموهوب الذي أتعاطف معه إنسانياً ، يحتاج إلى الراحة وأعتقد أن نهاية هذا الموسم بقيادته البارسا للفوز بلقب الليجا الإسباني ستكون ختاما لمشوار تيتو القصير مع البارسا في موقع الرجل الأول . ■■ وأعود إلى الهزيمتين الثقيلتين أمام البايرن بسبعة أهداف نظيفة في أسبوع واحد ، وضعف رد الفعل الفني والبدني والنفسي والتكتيكي ، لأؤكد أنهما تثبتا تراكم الأخطاء والإهمال الإداري والفني واللوجستي في برشلونة الذي أشرنا إليه مراراً ، منذ ختام حقبة جوارديولا ،والذي سبق أن قلت أنه هرب قبل أن تنكشف نقاط ضعفه ، بعد أن أفرغ الفريق من أعمدة أساسية يستند إليها ، وإستغل عبقرية ميسي أبشع إستغلال ، ليحصد البطولات والالقاب دون رؤية للمستقبل القريب ودون توفير للبدائل ، وحتى بديل جوارديولا، لم يكن قادراً على جرأة طلب ميزانيات ضخمة للبحث عن حلول وصفقات تداري عورة الفريق الذي يتسول للبحث عن قلب دفاع محترم يعوض بويول ، ولا لاعبي وسط يضارعون تشافي ولا أنيستا، الذين يفقدون كفاءتهم حينما يحاصرهم الإرهاق وقلة دعم الزملاء في غياب ميسي ، ولا مهاجمين يمتلكون مستوي رفيعاً، ولا رأس حربة في قامة البارسا ، و لا تجد في صفوف الفريق إطلاقاً كفاءات تقترب من قيمة ومهارة ميسي ، الذي صار شمعة تحترق لتضيء سماء الكامب نو ، فلما أصيب وغاب اضطراريا ، إنكشف الفريق والمدرب والإدارة ورئيس النادي روسيل وهو وكيل لاعبين سابق ، لكنه نسى خبراته السابقة ، وأكتفى مع جوارديولا وفيلانوفا وباقي اللاعبين بالإختفاء في عباءة ميسي الذي كان البقرة الحلوب لكرة التيكي تاكا ، فلما جف الضرع ، إنتهى الأمر وإنتهت كرة التيكي ! ■■ أوجعوا رؤوسنا بمدرسة "اللامسيا" ومواهبها الفذة ، ولم نشهد منذ عصرجوارديولا ، أي ناشيء واعد ، ولا موهبة كبيرة ، بل ظل الفريق يعتمد على صفقات رخيصة بعد أن أبعد مواهب فذة مثل إيتو وإبراهيموفيتش ويايا توريه وهنري دون أن يأتي ببدلاء ، ولما جاء فابريجاس وديفيد فيا كانوا أشباحاً عجز جوارديولا ثم فيلانوفا عن تقريبهم من المستويات الكبيرة التي كانوا عليها قبل مرحلة البارسا، وأخيرا .. نعم نتعاطف مع مرض فيلانوفا ونحترم مساندة النادي له وتمسكه به بهذه الدرجة ، ولكن بكل صراحة الإدارة الفنية لفريق محترف بحجم برشلونة كانت تتطلب توجيه الشكر لفيلانوفا والاستمرار في دعمه انسانيا ،والبحث عن مدرب عالمي بفكر جديد وقدرة على مباشرة المسؤولية ..ولكن أن يبقى الأمر في يد المساعد الثاني رورا ، فهو عبث واستهتار قد لاتجده في ناد صغير ولا مركز شباب ، وليست الكارثة والسقوط المروع امام البايرن، إلا نتاج سلسلة طويلة من الأخطاء والإهمال والاستهتار الذي يستحق أن تطير معه بعض الرؤوس الكبيرة في النادي العملاق الذي ينبغي أن يتوقف ليبحث عن كرامته التي بعثرها الألمان بلا رحمة ، عبر طريق طويل .. بين "اليانزا ارينا" و" الكامب نو" !! | |||