استخدام الفعل المساعد (( تمَّ )) في اللغة العربية أمر دخيل

[b]يستخدم بعض الكتّاب أو المتحدثون (الفعل المساعد «تم
» + مصدر الفعل المراد ذكره) نحو : «تمت دراسة المعاملة»، أو «جرت دراسة الموضوع»، و «أخبرت المدير بما تم التوصل إليه»، و «تمت مخاطبة الجهة الفلانية »، و«تمت معالجةالقضية"

وهذا أسلوب دخيل على العربية يعتمد على إدراج فعل مساعد للوصول إلى الفعل المراد ذكره. وظني أنّ منشأ الخطأ يرجع إلى التأثر باللغة الإنجليزية حيث يذكر الفعل المساعدنحو : 

تمت دراسة المعاملة it has been discussed

تم التوصل إلى ... … has been reached

والاعتراض هو : أنه ليس هناك فعل مساعد في اللغة العربية، بل يُتَعامل مع الفعل مباشرة، وإن كان الفاعل مجهولاً أو لا يراد ذكره فيُستخدم (1) الفعل المبني للمجهول

1ــ فتقول في : «اجتمعت اللجنة يوم السبت وتمت دراسة المعاملة» : «اجتمعت اللجنة يوم السبت ودَرَسَت المعاملة»، أو «اجتمعت اللجنة يوم السبت ودُرِسَت المعاملة». 

2 ـــ وتقول في : «أخبرت المدير بما تم التوصل إليه» : «أخبرت المدير بما تُوُصِّل إليه»، أو «أخبرت المدير بما توصلت إليه اللجنة». 

3ــ وفي : «تمت مخاطبة الجهة الفلانية » : «خوطبت الجهة الفلانية»، أو «خاطبت اللجنة الجهة الفلانية». 

4ـــ وفي : «تمت معالجة القضية» : «عولجت القضية»، أو «عالجت اللجنة القضية». 

فليست هناك حاجة إلى الفعل «تم» للوصول إلى الفعل المراد ذكره. وهذا يعد من الحشو الذي لا فائدة منه

وهناك اعتراضان قد يردان على ما تقدم وهما : 
الاعتراض الأول : 

ورود نصوص تدعم قوله كقوله تعالى {وتمت كلمة ربك}[الأنعام:115]. وقول النبي -صلى الله عليه وسلم- :«من أدرك ركعة من الجمعة أو غيرها فقد تمت صلاته» ، 


وقول عروة بن أذينة 



تَمَّتْ مُرُوءَتُهُ وَسَاوَرَ هَمَّهَ
غَلَبًا وَأَتْبَعَ رَأْيَهُ أَكْمَاشَا



وقول جرير 



تَمَّتْ جَمَالا وَدِينًا ليس يَقْرَبُها
قِسُّ النَّصارى ولا مِن هَمِّها البِيَعُ



الاعتراض الثاني : 

أنّ المقصود بـ ( تم ، تمت ) التأكيد على إنجاز المعاملة وأنه لامجال للشك في هذا

ويجاب عن الاعتراضين بما يلي : 

أ – جواب الاعتراض الأول : 

أنه لا حجة في تلك النصوص؛ لأنّ المقصود بـ «تمت» المعنى الحقيقي؛ وهو الكمال، ولم يقصد من «تمت» الوصول إلى «مصدر الفعل المراد ذكره». فقوله تعالى {وتمت كلمة ربك} أي : كَمُلَت. وليس المقصود «تمت مكالمة ربك»، أو «تم التكلم مع ربك» على نحو .. تم التنسيق بين الجهات 

ومثلها تماما بقية النصوص كقوله -صلى الله عليه وسلم- : «تمت صلاته» أي ليست ناقصة. وهي ليست كقولنا: «تمت دراسة المعاملة»؛ بل هي على حد قولنا : تمت المعاملة .

وكذا بقيةالشواهد المقصود من «تمت» الكمال، وقس عليه قولنا «تمت القصيدة»، و«تمت الخطبة»؛ إذ المقصود هنا الإخبار عن كمالهما من حيث العدد، ولم يُقصد من «تمت» الوصول إلى «مصدرالفعل المراد ذكره»؛ فليس هناك فعل في الجملة يُراد الوصول إليه

فالخلاصة : 

هناك فرق بين : 

أ – جعل «تم» فعلاً مساعدًا للوصول إلى «مصدرالفعل المراد ذكره» كقولنا : «تمت دراسة الموضوع»، و «تم إرسال الملف»، و «تم التوصل إلى كذا». 

ب – وبين الإخبار عن الكمال بأنواعه كقولنا: «تمت الآية»،و «تمت القصيدة»، و «تمت المروءة "

ولمزيد من الإيضاح أذكر هنا جملتين : 

ا – تم البناء 

2ـــ وفي هذا الحي تم بناء المسجد 

فالجملة الأولى «تم البناء» إخبار عن تمام البناء وكماله، ولم يقصد الوصول إلى مصدر الفعل المراد ذكره .

وفي الجملة الثانية «وفي هذا الحي تم بناءالمسجد» المقصود –غالبًا- من «تم» الوصول إلى «مصدر الفعل المراد ذكره» وهو البناء

لهذا فالأسلوب القويم أن يقال : «وفي هذا الحي بُنِي المسجد»، أو «وفي هذا الحي بنت المؤسسة المسجد»، أو «وفي هذا الحي اكتمل بناء المسجد» خروجًا من الاشتباه بـ «تم» الدخيلة

ب - جواب الاعتراض الثاني : 

الفعل له دلالة فقولنا «دَرَسَت اللجنة المعاملة» دلَّ الفعل «درس» على المعنى المتعارف عليه. فإذا أردت التأكيد على الانتهاء من «الدراسة» فإنك تدخل همزة التعدية؛ لأن «تم» فعل لازم، وعليه فتقول «أتمت اللجنة دراسة المعاملة»، أو «أنهت اللجنة دراسة المعاملة»؛فالهمزة في «أتمت» جعلت الفعل «تم» متعديًا

ويمكن استخدام أساليب أخر كقولنا : «درست اللجنة المعاملة ورأت ما يلي»، أو «أنجزت اللجنة المعاملة.

وخلاصة الموضوع : 

قل : «أن يُنَسَّق بين الجهات»، ولا تقل : «أن يتم التنسيق بين الجهات 

وقل : «وفي الاجتماع دَرَسَت اللجنة المعاملة ،أو «وفي الاجتماع دُرِسَت المعاملة»، ولا تقل : «وفي الاجتماع تمت دراسة المعاملة .

وقل : «وتُوُصِّل إلى الاتفاق»، ولا تقل : «تم التوصل إلى اتفاق.

وقل : «أحيلت القضية إلى المحكمة»، ولا تقل : «تمت إحالة القضية إلى المحكمة.
[/b]